بسم الله الرحمن الرحيم
نبع الماء من بين الأصابع الشريفة
:::::::::::::::::
إذا كان وجود الماء وتوافره نعمة عظيمة
فالحصول عليه وقت الحاجة والظمأ نعمة أكبر
وإذا كان نبع الماء من الأرض آية
ونبعه من الحجر الأصم معجزة
فما ظنك إذا كان نبعه من بين الأصابع البشرية
تلك هي إحدى وجوه المعجزات التي أكرم الله بها
نبيه - صلى الله عليه وسلم -
والتي لم يُؤيّد بمثلها نبي قبله
جاءت لتكون شاهدة على التأييد الإلهيّ
لرسوله عليه الصلاة والسلام
وكان لهذه المعجزة دورٌ مهمٌ في إنقاذ المؤمنين مرّاتٍ عديدة
من خطر الهلاك عطشاً في مواسم الجفاف ومواطن الشحّ
من موارد المياه في الصحاري والقفار
فكانت وقائع المعجزة غوثاً إلهيّاً وقف عليه الصحابة بأنفسهم
وسجّلوا شهاداتهم على سجلاّت التاريخ
:::::::::::::::::
فمن ذلك شهادة الصحابي الجليل جابر بن عبد الله
رضي الله عنهما على ما حدث يوم الحديبية، فقال
" عطش الناس يوم الحديبية
والنبي - صلى الله عليه وسلم - بين يديه ركوة
إناء من جلد
فتوضأ، فجهش-يعني : أسرع الناس نحوه
فقال: ( ما لكم؟ )
قالوا: ليس عندنا ماء نتوضأ ولا نشرب إلا ما بين يديك
فوضع يده في الركوة، فجعل الماء يثور بين أصابعه كأمثال العيون
فشربنا، وتوضأنا
" ولما سئل جابر رضي الله عنه عن عددهم في ذلك اليوم قال "
لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة "(1)
وشهد الصحابي الجليل أنس رضي الله عنه بما حصل في الزوراء
وهو مكان قرب السوق في المدينة
حيث قال: " أُتي النبي - صلى الله عليه وسلم
بإناءٍ وهو بالزوراء، فوضع يده في الإناء
فجعل الماء ينبع من بين أصابعه، فتوضّأ القوم "
وبيّن رضي الله عنه أنهم كانوا قرابة ثلاثمائة رجل (2)
ويروي الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
ما حدث لهم في أحد الأسفار مع النبي - صلى الله عليه وسلم
فقد كاد الماء أن ينفد ويهلكوا في الصحراء
يحدثنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن ذلك فيقول
" كنا نعد الآيات بركة، وأنتم تعدونها تخويفاً، كنا مع رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -
في سفرٍ، فقلّ الماء، فقال: اطلبوا فضلة من ماء
فجاؤوا بإناءٍ فيه ماء قليل، فأدخل يده في الإناء
ثم قال: ( حيّ على الطهور المبارك، والبركة من الله )
فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع
رسول الله - صلى الله عليه وسلم-
ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل "(3)
:::::::::::::::::
وقد ذكر الإمام السيوطي معاني نبع الماء من بين أصابعه
فقال في شرحه لصحيح مسلم
" قيل معناه أن الماء كان يخرج من نفس أصابعه
وينبع من ذواتها
وقيل معناه : إن الله كثَّر الماء في ذاته
فصار يفور بين أصابعه لا من ذاته ، والأول قول الأكثرين "
وهناك معجزة أخرى شبيهة بنبع الماء من أصابعه الشريفة
تلك هي معجزة تكثير الماء على يديه ببركته
- صلى الله عليه وسلم -
ومن ذلك ما حصل في غزوة تبوك التي جرت وقائعها في ظروف
قاسية من ندرة للمياه وقلّة للزاد
فلما وصل الجيش إلى عين تبوك خاب أملهم حينما وجدوا
أنها لا تكفي لشخص واحدٍ فضلاً عن جيش كامل
فقام رسول الله – صلى الله عليه وسلم
بجمع شيءٍ من مائها في وعاء وغسل فيه يديه ووجهه ثم أعاده فيها
فجرت العين بماء غزير شرب منه الناس جميعاً
ثم قال عليه الصلاة والسلام لمعاذ رضي الله عنه
( يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة
أن ترى ما ها هنا قد ملئ جناناً )(4)
ويذكر أبو قتادة رضي الله عنه تفاصيل القصّة التي حدثت له
ولأصحابه مع النبي - صلى الله عليه وسلم –
في إحدى الأسفار ، فقد كان عددهم سبعة رجال
ولم يكن معهم من الماء ما يكفي لوضوئهم
وكان مع أبي قتادة رضي الله عنه القليل من الماء
فأعطاه للنبي – صلى الله عليه وسلم –
كي يتوضّأ به
فلما فرغ عليه الصلاة والسلام من وضوئه
أمره أن يحتفظ بما بقي من الماء
وأخبره أنه سيكون له شأنٌ
ولما اشتدّ العطش بالناس
أمر النبي – صلى الله عليه وسلم -
أبا قتادة رضي الله عنه أن يأتي ببقيّة الماء
فجعل عليه الصلاة والسلام يصبّ الماء ويسقي الناس حتى اكتفوا
ولم يبق غيره – صلى الله عليه وسلم –
وغير أبي قتادة رضي الله عنه فقال له : ( اشرب )
قال : لا أشرب حتى تشرب يا رسول الله
فردّ عليه : ( إن ساقي القوم آخرهم شربا )(5)
ولقد كان لهذه المعجزة وأمثالها من المعجزات النبوية
الأثر البالغ في زيادة إيمان الصحابة ، وقوة تعلقهم بالواحد الأحد
خاصة أنهم كانوا في ظروف صعبة
نتيجة صراعهم مع أهل الباطل من المشركين واليهود والمنافقين
فكانت مثل هذه المعجزات عوناً لهم
وزاداً إيمانياً قوياً
إضافة إلى ما تتركه من أثرٍ في نفوس الكافرين والمعاندين
حيث إنها تلفت انتباههم إلى أن الله هو القوي القادر
الذي لا يعجزه شئ في الأرض ولا في السماء
يتــــــــــــبع
بإذن الله
^^^
(1) الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: البخاري
المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3576
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
^^^^
(2) الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري
المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3572
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
^^^
(3) الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: البخاري
المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3579
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
^^^
(4) الراوي: معاذ بن جبل المحدث: مسلم
المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 706
خلاصة حكم المحدث: صحيح
^^^
(5)الراوي: أبو قتادة الأنصاري الحارث بن ربعي المحدث: مسلم
المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 681
خلاصة حكم المحدث: صحيح