ساعةٌ تجد فيها نفسك مع الله !
--------------------------------------------------------------------------------
{ تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون .. }
هل جربت لذة الخلوة مع الله.. ما أروعها من لذة
في ظلمة الليل أناس نائمون.....ضموا الغطاء هم بدفئ ينعمون
في اجمل الاحلام هم يتلذذون.....ظنوا بهذا انهم يستمتعون
لكنهم هم يحرمون يحرمون.....من لذة الركعات في جوف السكون
عن خلوة قدسية هم نائمون.....عن موكب العبّاد هم يتخّلفون
جربتها وعشقتها
من ذاقها عرف السعادة ما تكون
يعطيك نسائم من هذه المتعة
الروحية ، أولئك الذين عاشوا التجربة ،
وذاقوا ما فيها من لذة عجيبة تعجز
عن وصفها الكلمات هي لحظات من عمرك..!
: {واذكرِ اسم ربِّكَ وتَبَتَّلْ إليه تبتيلاً} [المزمل: 8]
قال العلامة أبو السعود مفسراً : {واذكُرِ اسمَ ربِّك...}:
(ودُم على ذكره تعالى ليلاً ونهاراً على أي وجه كان ؛ من التسبيح والتهليل والتحميد... إلى أن قال: وانقطعَ إليه بمجامع الهمة واستغراق العزيمة في مراقبته، وحيث لم يكن ذلك إلا بتجريد نفسه عليه الصلاة والسلام عن العوائق الصادرة المانعة عن مراقبة الله تعالى، وقطع العلائق عما سواه)
[تفسير العلامة أبي السعود على هامش تفسير فخر الدين الرازي ج8/ص338].
ولكن من قال أن لحظة واحدة خالصة
صافية مع الله ولله
أنها من ساعات الدنيا ..؟!
كلا..كلا ..كلا والله بل هي لحظة أُخروية خالصة ،
تساوي الدنيا كلها بمن فيها وما فيها ..!
ليس
هذا كلاماً .... والله ..
إنها ساعة تغتسل فيها الروح ، ويصقل فيها
القلب ،وتتزكى فيها النفس ، وتشف فيها المشاعر ، وترف الأحاسيس،ويمتلئ
القلب بنور السماء حتى تفيض منك عيناك رغماً عنك وأنت تناجي مولاك .
دعا أنس بن النضر أن يلغي ذلك التفكير المادي المنطقي في يوم أحد
وإذا به يقول : "واهاً لريح الجنة ، والله إني لأجد ريحها دون أحد "
ثم ينطلق مشتاقاً راغباً محباً متولعاً عاشقاً للقاء الله راغباً في طاعة الله سبحانه وتعالى
ويلقي بنفسه يعانق الموت قبل أن يأتيه وإذا به يمضي شهيداً إلى الله
وذاك عمير بن الحمام في موقعة وغزوة بدر يأكل تمرات
فحينما يسمع نداء النبي صلى الله عليه وسلم - يقول :
( لا يقاتلهم اليوم رجل مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة )
فيرمي بالتمرات قائلاً : ما أطولها من حياة حتى أبلغ هذه الأمنية العظيمة
في صلاة الليل زاد ، وري وفي صلاة الليل طاقة ، ووقود ركعات في جوف ليل لا
يعلم بها إلا الله تسافر خلالها الروح سفرا عجيبا ، تستجلب لك البركات
والرحمات والخيرات والأنوار تهب على قلبك خلالها _ إذا أحنت توجيه قلبك
إلى السماء _نفحات ربانية خاصة ، ليغترف من فيض النور نورا ومن هنا كان
الصالحون في كل زمان ومكان يأنسون بالليل لأنهم يختلون فيه مع ربهم جل جلاله .
ساعة من زمانهم ، يجدون فيها أنفسهم على باب الآخرة !
وينفضون
خلالها كدر قلوبهم ويتزودون منها لنهارهم وهم يواجهون الحياة والأحياء عد
إلى سيرة الصالحين واقرأ وتدبر وتابع وتأمل تجد أن قاسما مشتركا بينهم هو
وجدان لذتهم في قيام الليل
قيل للحسن البصري رحمه الله :
ما بال المتهجدين
أبهى الناس وجوها .
قال :
هؤلاء قوم خلوا بالرحمن ،
فأفاض عليهم نور نوره
.
أرجو أن تصغوا إلى الكلمات الآتية ،التي ( تحاول ) أن تصوّر لك هذه
المعاني كلها
بإيجاز شديد وبلغة شاعرة تحرك المشاعر :
ركعتانْ ..في
سكونِ الليلِ عني تجلوانْ ظلمةَ اليأسِ ،
وأكدارَ الزمانْ
وتُشيعانِ الرضى في أُفقِ نفسي..
فإذا النجوى تعالتْ كالشذا
تملأ حسي
وأصاخَ الليلُ في محرابِ أشواقي وأُنسي وتهاوتْ
دمعتانْ ..
خشَعَ القلبُ وألقى العبءَ في ظلِ الأمانْ
وبدتْ للروحِ آفاقُ ابتهالاتٍ ..
وتسـبيحٍ .. وقـدســي فتـعــرّى
كـلّ شـيءٍ دون تمـويـهٍ
ولبسِ فإذا الدنيا متاعٌ زائل
يُلهي ويُنسي
وإذا أسمى المعاني في مسراتٍ وأنسي
جمعتها
في سكونِ الليلِ ،في ظلِ الأمان .. ركعتانْ ..!!
ومع أنه لا يصح أن نقول لك :
جرّب هذه الوصفة العجيبة ، ولن تخسر ..
ذلك لأن
المعاملة مع الله لا تحتاج إلى تجريب ،
فهي مضمونة الربح ، رائعة
النتائج..
ومع هذا أقول لك من باب المجاراة :
لا بأس جرّب ولن تخسر شيئاً
ولكن بشرط :لا تستعجل ،
بل عليك أن تصبر وتصابر وترابط وتديم قرع الباب
حتى يفتح لك ،
وتستمر حتى يتفجر لك الينبوع العذب بسخاء ،
ويومها فقط ستدرك
أنك ولدت من جديد ..
نسأل الله ان يرزقنا الفردوس الاعلى